كتب الدكتور مصطفى فتوري أن الجمعية الدولية لخبراء الإبادة الجماعية أصدرت في 31 أغسطس قرارًا يؤكد أن أفعال إسرائيل في غزة تشكل إبادة جماعية، في وقت تواجه فيه الدولة المحتلة عزلة متزايدة على الساحة الدولية مع وجود قضايا قانونية جارية أمام محكمتين دوليتين، محكمة الجنايات الدولية ومحكمة العدل الدولية. وذكر الكاتب أن القرار يعكس حقيقة الإبادة الجارية، ويسائل المجتمع الدولي حول موقفه، والذي يبدو محدودًا.
وفق ميدل إيست مونيتور، صوت 86% من كبار خبراء الإبادة الجماعية على أن سياسات إسرائيل وأفعالها في غزة "تستوفي التعريف القانوني للإبادة الجماعية وفق المادة الثانية من اتفاقية الأمم المتحدة لمنع جريمة الإبادة ومعاقبتها (1948)". ودعا القرار إسرائيل إلى "وقف جميع الأفعال التي تشكل إبادة جماعية وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ضد الفلسطينيين في غزة"، بما في ذلك الهجمات المتعمدة على المدنيين، التجويع، حرمان السكان من المساعدات الإنسانية والمياه والوقود، والعنف الجنسي، والإجبار على التهجير.
أوضح فتوري أن الجمعية ليست جهة قانونية، لكنها تحظى بتأثير كبير في الأوساط الأكاديمية، ويعد حكمها القوي إشارة أخرى إلى أن إسرائيل تجاوزت كل الخطوط الحمراء وارتكبت جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بانتهاكها المتكرر للقوانين الإنسانية الدولية. وأكد أن قرار الجمعية يحمل دلالات سياسية وأكاديمية هامة لإسرائيل، ويرتبط عادة بآراء منظمات دولية أخرى مثل هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية، بالإضافة إلى منظمة بتسيلم الإسرائيلية، والتي أشار إليها القرار نفسه.
أشار الكاتب إلى أن القرار عزز عزلة إسرائيل الدولية وزاد الضغط على الدولة المحتلة من المجتمع الدولي. رغم رفض إسرائيل لقرار الجمعية واصفة إياه بأنه "إحراج للمهنة القانونية"، إلا أن هذا القرار أضاف صوتًا أكاديميًا قويًا ينسجم مع المنظمات والدول التي سبق أن اتهمت إسرائيل بارتكاب جرائم مماثلة. وقد يستخدم القرار لدعم القضايا القانونية القائمة ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، ويشجع دولًا إضافية على اتخاذ إجراءات ضدها، كما يعزز مذكرة توقيف صادرة عن محكمة الجنايات الدولية ضد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف جالانت.
للفلسطينيين في غزة، يوفر قرار الجمعية تأكيدًا رسميًا ويشكل أداة ضغط قوية. ويعكس القرار آراء الفلسطينيين وأنصارهم الذين طالبوا منذ البداية باعتبار أفعال إسرائيل إبادة جماعية، ويتيح قاعدة علمية لدفع الرأي العام الدولي نحو اتخاذ إجراءات أوسع. كما يدعو القرار إسرائيل إلى وقف كل الأفعال التي تشكل إبادة جماعية وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، بما يشمل الهجمات المتعمدة على المدنيين والبنية التحتية،والتجويع، والتهجير القسري. ويطالب بالامتثال لأوامر محكمة العدل الدولية ومذكرات التوقيف الصادرة عن محكمة الجنايات الدولية، ما يمنح الفلسطينيين أساسًا أقوى لمطالبة إسرائيل بالمساءلة عن العنف والمعاناة.
أشار فتوري إلى أن هناك عدة قضايا قانونية ضد قادة وجنود إسرائيليين، بمن فيهم مرتزقة أجانب يقاتلون في غزة، جارية أمام محكمة الجنايات الدولية أو تحت المعالجة، وتكتسب هذه القضايا ثقلًا إضافيًا بعد قرار الجمعية.
وأكد الكاتب أن القرار الأكاديمي وحده لن يغير الواقع الميداني، إذ رفضت إسرائيل القرار واصفة إياه "مبنيًا على الأكاذيب"، لكن توقيته مهم، مع استعداد دول مثل فرنسا وربما المملكة المتحدة للاعتراف بالدولة الفلسطينية في مؤتمر للأمم المتحدة بدءًا من 22 سبتمبر. ويتيح القرار لصانعي القرار والدبلوماسيين قاعدة علمية قوية لدعم مواقفهم على الساحة الدولية.
ختامًا، يرى فتوري أن قرار الجمعية يشكل معركة أكاديمية مهمة تعكس العزلة المتزايدة لإسرائيل، وتتيح للفلسطينيين أدوات ضغط دبلوماسية وقانونية جديدة، بينما يظل المجتمع الدولي أمام اختبار حقيقي لردعه على انتهاكات إسرائيل المستمرة بحق السكان المدنيين في غزة.
https://www.middleeastmonitor.com/20250904-a-losing-battle-israels-struggle-against-genocide-scholars/